رئيس المنظمات الإسلامية: حظر المآذن تكريس للتمييز والإسلاموفوبيا
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Admin
عدد المساهمات : 5215 تاريخ التسجيل : 29/09/2008
موضوع: رئيس المنظمات الإسلامية: حظر المآذن تكريس للتمييز والإسلاموفوبيا الخميس ديسمبر 17, 2009 1:31 pm
رئيس المنظمات الإسلامية: حظر المآذن تكريس للتمييز والإسلاموفوبيا
جنيف/ عبد الرحمن أبو عوف
حمَّل د.يحيى صالح باسلامة، رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بسويسرا، قوى اليمين المتطرف مسئولية تأييد غالبية السويسريين لحظر بناء المآذن، واصفا الحظر بأنه "ردة واضحة عن قيم الاعتدال والمساواة التي يكفلها الدستور السويسري". باسلامة لفت كذلك إلى أن هذا التطور يعكس انتشار نوع من الإسلاموفوبيا في المجتمع السويسري، بسبب الحملات التي وقفت وراءها هذه القوى المتطرفة، محذرًا في الوقت نفسه من اعتبار التصويت ضوءًا أخضر لشن هجمات أو أعمال عنف ضد المصالح الإسلامية، كما حدث في الفترة السابقة للاستفتاء.
وشدد رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بسويسرا على أن الجالية المسلمة في سويسرا لن تقف موقف المتفرج، بل تدرس حاليًا عديدًا من الخيارات لمواجهة الحظر، منها اللجوء للمحكمة السويسرية العليا للطعن في مخالفة الحظر للدستور السويسري والبنود الخاصة بكفالة الحريات الدينية للسويسريين والمقيمين على حد سواء، وكذلك إمكانية اللجوء إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية لوقف دخول القانون حيز التنفيذ، فضلاً عن الدخول في حوار مع القوى السياسية في سويسرا للبحث في سبل وقف تنفيذ مشروع القانون، والتدخل لدى الرئاسة السويسرية لعدم التوقيع على القانون.
وعبر د.باسلامة عن مخاوفه من إمكانية تكرار السيناريو السويسري في عدد من البلدان الأوروبية، في ظل ترحيب عدد من القوى المتطرفة بالحظر الأخير، والمُطالِب من قبل قوى فاعلة في إيطاليا وهولندا بضرورة تعميمه على بلدان القارة الأوروبية، أو أن يكون الحظر مقدمة لوضع قيود جديدة على بناء المساجد في عدد من بلدان القارة العجوز، نافيًا رغم ذلك وجودَ حالة عداء ضد المسلمين بسويسرا، خصوصًا أن الجالية المسلمة ترتبط بعلاقات وثيقة مع الحكومة السويسرية التي عارضت الحظر بشكل واضح ورفضت تمريره في البرلمان في السابق.
وأعرب د.باسلامة عن ثقته في قدرة الجالية المسلمة بسويسرا على تجاوز الأزمة الحالية أو تقليل تبعاتها للحد الأدنى، وتفريغ الحملات التي يشنها اليمين المتطرف من مضمونها، مشيرًا إلى أن التزام المسلمين بالدستور والقانون كفيل بإفشال مثل هذه الحملات، خصوصًا أن عددًا كبيرًا من أبناء الجالية يشغلون مناصب مرموقة في أغلب القطاعات، ويستطيعون ـ إذا توحدت كلمتهم ـ لعب دور مهم يتجاوز مؤامرات اللوبي اليميني.
وفي السطور التالية التفاصيل الكاملة للحوار مع د.يحيى باسلامة رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في سويسرا..
كيف تنظر إلى التطور الخطير الذي أفرزه تصويت السويسريين لحظر بناء المآذن فوق المساجد بأغلبية واضحة؟
الأمر مقلق في جميع الأحوال، سواء نظرنا للأمر من زاوية اعتبار التصويت رفضًا للوجود الإسلامي في المجتمع السويسري أو تكريسًا لانتشار النـزعات اليمينية المتطرفة والممارسات التمييزية ضد المسلمين بفضل تنامي نفوذ الأحزاب اليمينية المعادية للإسلام والمسلمين.. أو نظرنا له، كما يراه بعض المتفائلين، كرسالة للحكومات السويسرية المتعاقبة لإخفاقها في دمج الجالية المسلمة وتكريس عزلتها. وعلى كل حال فإن هذا الأمر يعد دليلاً لا يقبل الشك على انتشار نوع من الإسلاموفوبيا في المجتمع السويسري المعروف تقليديًّا بوسطيته واعتداله ورفضه للنزاعات الراديكالية، يمينية كانت أم يسارية، كما يعد كذلك تأكيدًا على نجاح الحملة التي وقف وراءها اليمين المتطرف طوال الفترة الماضية، بل إن أكثر ما أخشاه من تداعيات التصويت لصالح حظر بناء المآذن أن يعتبره متطرفو اليمين ضوءًا أخضر لشن هجمات أو أعمال عنف ضد المصالح الإسلامية كما حدث في الفترة الماضية، أو تشجيعًا للبعض على تبني ممارسات تمييزية ضد المسلمين غابت كثيرًا عن الساحة السويسرية، والخطورة كذلك تكمن في إمكانية امتداد ما حدث في سويسرا لدول أوروبية أخرى، لاسيما بعد ترحيب أحزاب ومسئولين في إيطاليا وهولندا بالحظر، ومطالبتهم بشموله جميع بلدان القارة العجوز. أما التطور الأسوأ فقد يسير في إطار أن يكون حظر بناء المآذن مقدمة لتكراره مع المساجد، أو على الأقل وضع قيود شديدة على إنشائها.
المبادرة الشعبية
رفض البرلمان منذ فترة مشروع قانون بحظر بناء المآذن واعتبر الجميع الأزمة منتهية.. فمن المسئول عن طرح الأمر للتصويت؟
الأزمة بدأت منذ إعلان مجموعة من مسلمي سويسرا التحرك لبناء مسجد في مدينة زيورخ، وتم إنهاء الإجراءات الخاصة ببناء المسجد ونيل الموافقات من السلطات المحلية، وبدأ العمل في بناء المسجد، وحينما وصل الأمر في طور الجدية دخلت مجموعة من الأحزاب اليمينية ـ وعلى رأسها حزب العمل ـ على خط الأزمة، وبتأييد من بعض السياسيين طالب الحزب بعدم إنشاء مئذنة لهذا المسجد، مستندين إلى أن القانون السويسري يحظر خروج أصوات من أي مؤسسة دينية، سواء كانت كنيسة أو مسجدًا، لعدم إزعاج المواطنين، بالإضافة إلى أن العديد من المساجد المنتشرة في المدن السويسرية بدون مآذن، وعزف البعض على وتر التشدد بالإشارة لمخالفة المئذنة للطابع المعماري لمدينة زيورخ، وشهدت البلاد حالة شحن غريبة ضد المسجد والمئذنة والمسلمين ركزت على إشعال مخاوف المواطنين من تحول المسلمين لأغلبية في سويسرا بحلول منتصف القرن الحالي، بل إن البعض ردد إمكانية أن يقفزوا لسدة السلطة في المستقبل.
كيف تحرك مسار قضية المئذنة ووصل إلى ما وصل إليه؟
انتقلت الأزمة للبرلمان الفيدرالي، وشهدت الجلسات المتتالية شدًا وجذبًا، لاسيما أن الحكومة السويسرية عارضت الحظر لمخالفته للدستور السويسري، وعرضت مشروع القانون للتصويت، وفشلت التيارات اليمينية في تمريره، ودعمت الأغلبية حق المسلمين في تشييد المئذنة، إلا أن الأحزاب العلمانية لم تقف مكتوفة الأيدي، وعملت على استدعاء نص من الدستور يعطي حقًا لما يطلق عليه المبادرة الشعبية لوقف تنفيذ أي قرار للبرلمان جرى التصويت عليه، بشرط النجاح في تأمين تأييد 100ألف صوت من المواطنين لوقف العمل بقرار البرلمان، وهو ما نجحت فيه الأحزاب اليمينية بعد شنها حملة شرسة تستهدف شحن المواطنين ضد بناء المئذنة وإعادة القضية برمتها للبرلمان، حيث فشل الفرقاء في التوصل لتسوية، واتفقوا على طرح القضية للاستفتاء العام، ورغم أن كل استطلاعات الرأي كانت تشير إلى تأييد الأغلبية لرفض الحظر إلا أن جهات يمينية لم تألوا جهدًا في حشد الناخبين لتأييد هذا الحظر العنصري عبر الحملات الإعلامية وصيحات التحذير التي تحدثنا عنها في السابق، وتمكنت من تغيير مسار التصويت لصالح الحظر.
تحركات مكثفة
كيف تعاطت الجالية المسلمة والمؤسسات والهيئات الإسلامية مع هذا الحشد اليميني لتأييد الحظر؟
بذلت المؤسسات والهيئات الإسلامية ـ سواء رابطة مسلمي سويسرا أو اتحاد المنظمات الإسلامية ـ جهودًا مكثفة للتصدي لمؤامرات التيار اليمني العنصري، وحذرنا من مخاطر الحملة على قيم الحرية والمساواة بين المواطنين السويسريين والمقيمين، ماداموا يحترمون القوانين ولم يرتكبوا أية مخالفات، بالإضافة للتداعيات السلبية لمثل هذا الأمر على اندماج الجالية المسلمة في المجتمع السويسري وإهدار جهود عديدة بُذلت في هذا الإطار، كما حذرنا من مخالفة الحظر للدستور السويسري وقيم الحريات الدينية التي تدعي تلك القوى الحفاظ عليها، ورغم ذلك لم تفلح جهودنا في لجم حملات اليمين المتطرف المدعومة من جهات لا يسرُّها أبدًا النجاحات التي حققتها الجالية المسلمة في سويسرا.
بعد تحول حظر إنشاء المآذن لأمر واقع، ما هي التحركات الفعلية التي ستلجأ إليها الجالية المسلمة لمنع سريانه؟
سنخضع هذا الأمر لدراسة متعمقة، وسنبحث الخيارات المتاحة؛ ومنها اللجوء للمحكمة السويسرية العليا للطعن في مخالفة الحظر للدستور السويسري والبنود الخاصة بكفالة الحريات الدينية للسويسريين والمقيمين على حد سواء، وكذلك هناك إمكانية للجوء إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية لوقف دخول القانون حيز التنفيذ، وهناك آمال كبيرة لانتزاع حكم في هذا السياق، لاسيما أنه يخالف الالتزامات الدولية والاتفاقيات الخاصة بالحريات الدينية التي وقعت عليها سويسرا، فضلاً عن الدخول في حوار مع القوى السياسية في سويسرا للبحث في سبل وقف تنفيذ مشروع القانون والتدخل لدى الرئاسة السويسرية لعدم التوقيع على القانون وإعادته للبرلمان من جديد وإخضاعه لمناقشات مستفيضة.
مسلمو سويسرا
هل لك أن تطلعنا على خريطة الوجود الإسلامي في سويسرا؟
يبلغ عدد المسلمين في سويسرا ما يقرب من 450 ألف مسلم، يشكلون حوالي 4% من سكان الاتحاد السويسري، ويقيمون في مدن برن وجنيف ولوزان وزيورخ وبازل وسيون، ويشكل المنحدرون من بلدان يوغوسلافيا السابقة ـ خصوصًا من البوسنة ومقدونيا وكوسوفا ـ حوالي 65%منهم، فيما تصل نسبة الأتراك حوالي 20%، بينما تراجع الوجود العربي بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، ولا يتجاوز11% أغلبهم مصريون ومغاربة. ويشكل التنوع العرقي للجالية المسلمة واحدًا من العراقيل أمام وحدتها، بل ويشكل رافدًا من روافد الخلاف بينها، وهو ما حاولنا خلال السنوات تطويقه، لاسيما من جهة تعداد المنظمات الإسلامية بحسب جنسية أبنائها بعد تشكيل اتحاد المنظمات الإسلامية هناك، فضلاً عن رابطة مسلمي سويسرا لصهر كافة الأصوات المسلمة في إطار واحد يتولى الحديث مع الحكومة الفيدرالية فيما يخص مشاكلهم رغبة في التوصل لحلول لها، غير أننا لازلنا في بداية الطريق نحتاج لسنوات لنحقق طموحاتنا ونتحدث مع السلطات من موقف قوة.
رغم الوجود القديم للجالية المسلمة إلا أنها لم تستطع حتى الآن انتزاع قرار بالاعتراف بالإسلام دينًا رسميًّا، فلماذا؟
بالفعل ما ذهبت إليه صحيح، غير أنه يعود للطابع العلماني للدستور السويسري، الذي لا يعترف بأي دين رغم أنه يكفل الحرية الدينية ويدعم الحق في إنشاء دور للعبادة، ومع ذلك فإنه لا يضع قيودًا على أنشطة الدعوة الإسلامية، سواء كان ذلك بالدعوة المباشرة أو من خلال المحاضرات والندوات وتوزيع مطبوعات تدعو لاعتناق الإسلام، لدرجة أن الحكومة الفيدرالية تقدم دعمًا للمؤتمرات والفعاليات الإسلامية، رغم أن القانون لا يسمح لها بذلك، لإظهار تسامحها مع الإسلام واحترامها له. وهنا أرغب في الإشارة إلى أن الحكومة الحالية بذلت جهودًا مكثفة لمنع الحظر، غير أنها لا تستطيع فرض وجهة نظرها على مواطنيها.
لماذا لم يدفع الحديث عن التسامح والمساواة السلطات السويسرية للسماح للمسلمين بإنشاء مدارس دينية لأبنائهم؟
الدستور السويسري يحظر إنشاء مدارس على أسس دينية أو عرقية، غير أنه لا يحظر دراسة مبادئ الأديان في مؤسسات التعليم العام بشرط أن تحمل الأسر المسلمة والنصرانية نفقات التعليم الديني على حد سواء.
حضور ضئيل
أزمة حظر المآذن سلطت الضوء على الدور السياسي للمسلمين في سويسرا، فما طبيعة هذا الدور؟
الدور السياسي للجالية المسلمة في سويسرا ضئيل للغاية، وربما غير موجود أصلاً، حيث لا يوجد نواب مسلمون في البرلمان الفيدرالي أو المحلي، وأعتقد أن هذا الأمر يعود للقيود الدقيقة التي يضعها الدستور السويسري فيما يخص الحقوق السياسية، حيث يشترط عدم انخراط المرشح للمجالس النيابية هناك في أي أنشطة دينية وعدم الانتماء لأي جماعة دينية، فضلاً عن إعلان المرشح لنزعته العلمانية بشكل واضح، ولعل هذه القيود حدت بشدة من إمكانية لعب المسلمين أدوارًا سياسية.
كيف تنظر لمستقبل الجالية المسلمة في سويسرا؟
رغم أن تصويت السويسريين لصالح حظر المآذن سيكون له تداعيات سلبية على أوضاع المسلمين إلا أنني لا أستطيع إخفاء تفاؤلي بمستقبل المسلمين هناك؛ فالمناخ العام غير معادٍ للمسلمين، سواء من جانب الشعب أو الحكومة، رغم وجود جماعات لا يسرها تمدد الجالية المسلمة في سويسرا أو في أي من البلدان الأوروبية، وهؤلاء من يقفون وراء شحن المجتمع السويسري ضد المسلمين، ولكن هذه الحملات لم تحقق النجاحات المطلوبة بفضل العلاقات الوثيقة التي تربط المسلمين بالحكومات السويسرية، لذا أقول باطمئنان: إن التزام المسلمين بالدستور والقانون كفيل بإفشال مثل هذه الحملات، خصوصًا أن عددًا كبيرًا من أبناء الجالية يشغلون مناصب مرموقة في أغلب القطاعات، ويستطيعون إذا توحدت كلمتهم لعب دور مهم يتجاوز مؤامرات اللوبي اليميني.
رئيس المنظمات الإسلامية: حظر المآذن تكريس للتمييز والإسلاموفوبيا