صمت أوباما الاستراتيجي بشأن غزة
هناك رئيس واحد في الوقت الحالي".
هذا هو الرد الثابت الذي يصدر عن أعضاء فريق باراك اوباما كلما طلب منهم توضيح موقفهم من قضية لم يعلنوا موقفهم إزاءها بعد.
هذا الرد يغضب كبار أعضاء الحزب الديمقراطي مثل بارني فرانك الذي يسخر من التأكيد على وجود رئيس واحد.
إلا أن صمت أوباما إزاء ما يحدث في قطاع غزة حاليا يضر أيضا بالتأييد الذي يلقاه في العالم العربي.
ولكن الدستور الأمريكي لا يدع مجالا للشك فيمن يملك سلطة اتخاذ القرارات في الوقت الراهن وحتى الـ 20 من الشهر الجاري. فراغ سلطة
لا يملك أوباما السلطة القانونية لدعم كلماته بالأفعال، فليس لديه إدارة تمارس سلطاتها بعد، وسيخاطر بتعقيد عملية الانتقال السلس للسلطة في حالة اعتدائه على سلطات الرئيس الحالي قبل أن يؤدي القسم.
ولكن الأمر ليس على هذا النحو من البساطة بالطبع.
هناك فراغ في السلطة في واشنطن في هذه اللحظة، كما كان الأمر دائما في الفترة التي تسبق انتقال السلطة إلى إدارة جديدة.
إلا أن هذا الفراغ واضح بدرجة كبيرة في الوقت الحالي، لذلك قرر فريق أوباما العمل على إبراز صورة أوباما أمام الرأي العام طوال الأسابيع التي أعقبت فوزه في الانتخابات.
لقد طمأن أوباما الأسواق المالية عندما أكد انه يعمل وراء الكواليس على إعداد برنامج اصلاحات اقتصادي طموح.
وعندما وصل أوباما إلى واشنطن كان أول موعد له مع نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب لأنه يرى، حسبما صرح، أن "مصالح الناس لا يمكن تأجيلها".
وأدلى بتصريحات بخصوص الوضع الاقتصادي، وخطة دعم صناعة السيارات، وهجمات مومباي، إذن لماذا لم نسمع منه شيئا يتعلق بما يجري في غزة؟
الحقيقة أنه باستثناء تعليقه على انفجارات مومباي انحصرت تصريحات أوباما في الشؤون الداخلية، وهو ما يبدو معقولا بالنسبة لرئيس لم يتسلم السلطة بعد.
لقد كانت هجمات مومباي واضحة ومحددة تماما مقارنة بالفوضى القائمة في غزة.
فالهجمات لم تكن أمرا يقتضي جهودا دبلوماسية متأنية طويلة النفس. وهذا هو الأساس.
مساعد لأوباما، لم يشأ الكشف عن اسمه، أكد أن الرئيس بوش هو المسؤول عن الدبلوماسية الأمريكية.
واذا أخذنا هذا في الاعتبار، يمضي مساعد أوباما قائلا، "لا يمكن أن يتخذ فريق أوباما أي مسلك قد يبعث برسالة مختلفة إلى العالم، تثير تشوشا حول من الذي يمثل الولايات المتحدة". مشهد متغير
تعتبر غزة حقل ألغام بالنسبة لأوباما. إذا أصدر بيانا يشير فيه إلى أنه سيلجأ إلى سياسة مختلفة في الشرق الأوسط عن سياسة جورج بوش، فسينزع بذلك السجاد من تحت أقدام الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الإدارة الحالية في المنطقة.
من المكن أيضا ان يفقد أيضا الجمهوريين الذين يتطلعون للتعاون معه فيما إذا سعى لاحراج الرئيس بوش.
واذا صدرت عنه تصريحات تظهره بمظهر النقيض للرئيس بوش في سياساته فسيفقد المرونة في التعامل مع هذه القضايا عندما تصبح مطروحة أمامه بعد أسبوعين.
وأيا كان ما يمكن أن يصدر عنه حاليا فسيصبح موقفا سياسيا على الفور، لكن المشهد السياسي في الشرق الاوسط قد يصبح مختلفا عما هو الآن بعد ان يبدأ في ممارسة مهام منصبه رسميا.
وقد تساهم التطورات الجارية على الأرض في الضغط على أوباما لتحديد موقفه في تصريحات محددة.
في هذه الحالة يتعين عليه أن يزن الضرر السياسي والدبلوماسي الذي يمكن ان ينتج عن بقائه صامتا، مقابل الضرر الذي يمكن ان يصيبه في حالة تصريحه علانية بموقف قد يلقى على الفور الإدانة من طرف ما في المنطقة.
والحقيقة أنه لم يصدر عنه أي تصريح، بخصوص الشرق الأوسط، يتعارض تماما مع سياسة الرئيس بوش.
عندما قام بزيارة بلدة سيدروت الاسرائيلية في يوليو/ تموز الماضي قال إنه شخصيا كان سيرد في حالة تعرض منزله لقصف صاروخي.
وقد تحدث ايضا عن مشكلة التفاوض مع حماس التي اعتبر أنها "لا تمثل دولة، ولا تعترف باسرائيل (حق اسرائيل في الوجود)، وتلجأ للارهاب باستمرار، وتخضع لدول أخرى".
إلا أنه حرص على تجنب التصريح بمواقف نهائية يمكن أن تحصره في مسار محدد.
لقد أجرى كل الرؤساء الأمريكيون تغييرات في جهودهم المتعلقة باقرار السلام في الشرق الأوسط، وكان الرئيس بوش الأول الذي يعلن بوضوح تأييده للحل على أساس دولتين.
غير أن هناك ميزة ضئيلة للغاية فيما إذا كشف باراك أوباما عن توجهاته قبل أن يجلس إلى المائدة.