مفاجأة.. الدولة أنقذت 31 مصرياً من داخل الصومال!كتب رئيس التحرير:
عندما وصل وزير الخارجية أحمد أبوالغيط إلي واشنطن ضمن الوفد الرسمي المرافق للرئيس مبارك يوم السبت 15 أغسطس كان الصحفيون ينتظرون أن يسمعوا منه تفاصيل عن الزيارة وملفاتها.. لكن الزميلة سوزي جنيدي مندوبة "الأهرام العربي" ذهبت به في اتجاه آخر وسألته عن وقائع تحرير الصيادين المصريين من القراصنة الصوماليين وذلك طبقا لتصريحات مساعد وزير الخارجية أحمد رزق الذي أعلن الخبر السار يوم الجمعة 14 أغسطس في أثناء مشاركته في لقاء شبابي في بورسعيد.. غير أن الوزير أبوالغيط فاجأ الزميلة بقوله انه لا يعرف شيئا عن ملابسات اطلاق سراح أبنائنا..! اعترتني الدهشة وأنا اقرأ المجلة خصوصا وأنا أعرف دقة زميلتي وحرصها في نقل التصريحات.
في أول فرصة تحدثت مع الوزير وسألته عن التصريح الغريب فكيف لا يعلم شيئا عن "التحرير" وتصريح مساعده تم وهو لم يغادر القاهرة بعد!!
فاجأني الوزير بقوله إنه كان مضطرا للتكتم لأنه لم يكن الصيادون المصريون فقط هم المختطفون. ولكن هناك مصريين يعيشون في الصومال فهناك 15 أزهريا وثمانية أطباء وثمانية مدرسين أي أن مجموعهم 31 مصريا.
أضاف أبوالغيط أن المخاطرة بحياة المصريين لا يمكن أن يتحملها أحد.. فالصيادون لم يكونوا وحدهم المهددين. ولكن المصريين الذين يعيشون في الصومال كانوا عرضة للاختطاف والقتل انتقاما لفرار الصيادين المصريين وضياع الفدية. كما أن القبائل والميليشيات والمسئولين الحكوميين سواء في صومالي لاند أو بونت لاند لهم علاقات مع القراصنة. وبعضهم تمتد صلات قرابة ومصاهرة بينهم وبين هذه العصابات.
أوضح الوزير أن هدفه لم يكن "الطنطنة" وإنما الكتمان حتي يستطيع إخراج ال 13 مصريا الذين كانوا مهددين بشدة من ميلشيات معادية تريد الفتك بهم أو الاحتفاظ بهم كرهائن.. ونجحت مصرفي إخراج أبنائها وتأمينهم إلي أن غادروا الصومال.. استضافهم السفير في جيبوتي وتم تأمينهم من خلال وسطاء وميلشيات صديقة حتي وصلوا إلي اليمن ومنها إلي مصر.
وكانت فرصة أن أسأل وزير الخارجية عن السبب في ترك صيادين مصريين غلابة في أيدي القراصنة أربعة أشهر..! وقلت للوزير كل ذنبهم أنهم خرجوا بحثا عن الرزق فأوقعهم سوء الحظ في أيدي القراصنة..
وكما فاجأ الوزير مجلة "الاهرام العربي" فاجأني بقوله إن المأساة ستحدث مرة أخري..!! قلت له هل ستتعرض سفن صيد مصرية للاختطاف؟ قال نعم ولن نغير الأسلوب الذي تعاملنا به مع الأزمة في أي مرة قادمة..! استزدته إيضاحا فأسهب مؤكداً أن المأساة ليست في القراصنة فقط ولكن في الوضع المأساوي لدولة عربية إسلامية انقسمت لثلاثة كيانات فتحطمت ونتج عن ذلك وضع إنساني غاية في التعقيد.. هذه الدولة "الصومال" فقدت الي حد كبير السيطرة علي اراضيها ومياهها الاقليمية.. وفي خلال مراحل الانهيار تكونت عصابات في البر والمعروفة باسم لوردات الحرب أما في البحر فظهر القراصنة الذين بدأوا يتعيشون من الخطف واحتجاز السفن بدلاً من مهنة الصيد الشريفة..
أصبح هناك فريقان والكلام مازال للوزير عصابات الأرض تبتز الشركات العاملة في الصومال وتأخذ اتاوات منهم وتهددهم بتفجيرات وخطف العاملين ونسف المقرات إذا لم يدفعوا والقراصنة يفعلون نفس الشيء مع سفن الغلابة..
أكد الوزير أن هناك اجماعاً دولياً علي محاربة ظاهرة القرصنة بحيث تتم من خلال اعمال عسكرية لانقاذ السفن وبحارتها واتفقت الدول والحكومات علي عدم شن أي هجوم علي أراضي الصومال أو الموانيء التي ينطلق منها القراصنة. لان هذا من شأنه قتل ابرياء ربما يكونون محجوزين في هذه المرافئ كعادة المجرمين الذين يحمون أنفسهم بدروع بشرية هي الرهائن.. ومن ثم تم الاتفاق علي ارسال وحدات بحرية من دول مختلفة تكون مهمتها حماية الخطوط الملاحية "القانونية" وتشجيعپالسفن علي السير في قوافل لتكون في حراسة هذه الوحدات.. قال الوزير إن نصيحته للسفن وخصوصاً الصيادين أن تلتزم بالخطوط الملاحية القانونية ولا تبحر في فضاء البحر. ولعل ذلك هو مايوقع الصيادين في براثن القراصنة..
أضاف أبو الغيط أن هناك اجماعاً دولياً انه في حالة الالتقاء بسفن القراصنة يتم تدميرها ومحاكمتهم في كينيا وهي الدولة الوحيدة التي وافقت علي محاكمتهم علي اراضيها..
قال إن من غير المعقول أن تتفاوض الدول والحكومات مع القراصنة مباشرة لأن هذا يعد بمثابة اعتراف دولي بالظاهرة الاجرامية. لكن الاتصال يتم عبر وسطاء وأن الخطوة الأولي يجب أن تحدث من القراصنة الذين يتصلون عبر هؤلاء الوسطاء.. "الوسطاء" يتفاوضون مع أصحاب السفن وليس مع الحكومات أو الدول.. فإلي جانب عدم امكانية التفاوض المباشر مع القراصنة لتعارضه مع القانون الدولي. فإن هذا من شأنه لو تم ودفعت أي دولة "الفدية" فمن المؤكد أن سفنها ستكون الأولي علي قائمة استهداف الخطف.. فطالما يدفعون فلماذا لا نأسر بحارتهم؟!
نفي وزير الخارجية بشدة حدوث تراخ في الافراج عن الصيادين المصريين لأن حياتهم رخيصة أو أن "المصري" لا يساوي شيئاً.. قال إن المفاوضات مع القراصنة تستلزم نفساً طويلاً وتستهلك وقتا.. هناك سفن كثيرة مكثت شهوراً فمثلا السفينة الأوكرانية التي كانت تحمل أسلحة ظلت 7 أشهر في الأسر والناقلة السعودية العملاقة ظلت أربعة أشهر ودفع مالكها 10 ملايين دولار وهي اكبر فدية تم دفعها حتي الآن.
شدد الوزير علي أن "الدول" لن تدفع فديات والسبيل الوحيد لمواجهة خطر القراصنة هو الالتزام بالتعليمات والخطوط الملاحية "القانونية" مشيرا إلي أن الخطر موجود وسيتكرر اذا لم تلتزم السفن بالخطوط الملاحية القانونية.
أوضح أن مصر لن تخضع ابداً للابتزاز وأن أموال الدولة لن تكون مطية للقراصنة ندفعها لهم لنعينهم علي ارتكاب جرائم أخري ونمول نشاطهم الإجرامي.
كشف الوزير عن مفاجأة من العيار الثقيل عندما قال إن كثيراً من المسئولين الحكوميين في الصومال باجزائها الثلاثة هم عملاء للقراصنة وهؤلاء يتولون تعيين "وسطاء" ليبدأ التفاوض مع مالك المركب.
المسئولون الحكوميون في بونت لاند أو صومالي لاند هم الذين يحددون القبيلة التي يتبعها القراصنة ومن ثم يتم البحث عن "وسيط" للتفاوض مع القبيلة أولا ثم مع القراصنة ثم مع مالك المركب..
قال إن خروج الشيخ حسن خليل من الصومال وتأمينه تم بعد الاتصال بوزير داخلية بونت لاند و"التفاهم" معه.. لو لم يتم التفاهم "كان حسن خليل ضاع".. وأيضا وصول شيخ الصيادين للصومال تم أيضا بالتفاهم مع وزير داخلية بونت لاند.. كان هناك تربص به بعد أن تم تحرير الصيادين. لذلك تم اخراجه من خلال ميليشيات وسفيرنا استضافه في جيبوتي وفرضت حراسه عليه ثم تم تأمينه إلي أن وصل صنعاء ومنها للقاهرة..
قال إن اخراج الشيخ حسن كان صعبا لأنه محتجز في أرض واقعة بين بونت لاند وصومالي لاند وهي منطقة خاصة بالميلشيات والقراصنة. والصعوبة أن تجد من تأتمنه علي اخراج مواطنيك..
اضاف الوزير ان الذين يتحدثون بغير علم كثيرون. وانه تعرض طوال مدة احتجاز السفينتين إلي هجوم الصحافة في مصر وإلي تلاعب المسئولين الصوماليين الذين كانوا يحيلوننا للقراصنة ثم الميليشيات ثم نعود اليهم مرة أخري في دائرة جهنمية الكل فيها متهم ومدان.. والكل فيها يتكسب من الظاهرة الاجرامية التي اصبحت دجاجة تبيض ذهبا للحكومات الصومالية قبل القراصنة..
http://www.algomhuria.net.eg/algomhuria/today/fpage/detail00.asp