قراءة موضوعية لأسباب خسارة الجزائر..!خسارة المنتخب الجزائري أمام نظيره المصري في قبل النهائي من بطولة أمم إفريقيا في انغولا كانت متوقعة مثلما كان الفوز أيضا متوقعا، لان الأمر يتعلق بمنتخبين على أعلى مستوى، مرشحين للظفر باللقب، لكن ما لم يتوقعه أكثر المتشائمين من الجمهور الجزائري هو النتيجة الثقيلة والعرض الباهت الذي قدمه الخضر في هذه المباراة، لان التبريرات العاطفية التي تلت نهاية اللقاء تصب كلها في خانة اتهام الحكم البنيني كوفي كودجة بالتحيز للمصريين على حساب الجزائريين مستشهدين بالبطاقات الحمراء الثلاث التي أشهرها في وجه الثلاثي رفيق حليش ونذير بلحاج والحارس فوزي شاوشي، وإحتسابه ركلة جزاء اعتبرها الجزائريون بمن فيهم رابح سعدان غير شرعية، غير ان القراءة الموضوعية المتأنية للمباراة وأسباب الخسارة الثقيلة تؤكد بروز الكثير من النقائص والعيوب التي لا يزال المنتخب الجزائري يعاني منها وتساهم في قلب موازينه عند كل مباراة هامة.
عيوب ظهرت حتى قبل طرد حليش، فأول أسباب الهزيمة تتمثل في عدم دخول الخضر في المباراة وبقاءهم في الخلف يترقبون ماذا سيفعل المصريون للرد عليهم وكأنها مباراة ذهاب تنتظرها مباراة إياب، وهذه مسؤولية المدرب سعدان الذي يبدو انه وقع في فخ مبدأ اللعب من اجل الاستمتاع و الإمتاع رغم أن ذلك في حد ذاته يحتاج إلى خطة تكتيكية مناسبة لم يصل إليها الشيخ الذي احتار في كيفية التعامل مع معطيات المباراة كما ظهر بعض اللاعبين بمستوى هزيل ولم يقدموا ما كان منتظرا منهم و على رأسهم الثنائي المدافع عنتر يحيى و لاعب الوسط مراد مغني اللذان شفيا لتوه من إصابة و ظهرا بعيدين عن مستواهما المعهود بسبب تأثير قلة المنافسة و من جهته لم يقدم المهاجم كريم متمور الأداء المنتظر منه و فشل في نقل الخطر إلى الجانب المصري بينما ظهر زميله عبد القادر غزال متنرفزا منذ البداية.
أما الظهير نذير بلحاج فلا يزال مصرا على التلاعب بأعصاب زملائه ومحبي الخضر من خلال حركات تقنية زائدة تجعل زملاءه دائما في حالة استنفار وخوف حتى في الكرات السهلة التي قد تتحول إلى معضلة عندما يفشل في ترويض الكرة وهو ما يفسر تركيز المنتخب المصري اللعب على جهته لادراك مدربه حسن شحاتة بان لن ينهي أي مباراة إلا بعد ارتكاب عدة أخطاء قاتلة، وفي غياب التغطية الدفاعية يصبح الخطأ اشد وقعا ويضاف إلى ذلك افتقاد الخضر لصانع العاب حقيقي يتمتع بالرؤية الواضحة والقدرة على تسيير الكرات وتغيير مجرى اللعب والربط ما بين الخطوط بدليل أن اللاعبين كانوا دوما يفتشون عن منصوري أو يبدة لتمرير الكرة إليهم دون تقدم نحو المرمى المصري و لجوئهم في الكثير من المرات إلى التمريرات الطويلة مما يفرض على سعدان البحث عن هذه الحلقة المفقودة قبل حلول نهائيات كاس العالم في يونيو القادم بجنوب إفريقيا كما ظهر غياب القراءة الجيدة للمنافس بدليل التركيز على الحراسة اللصيقة لحامد حسن في حين أن الخطر كان يأتي من لاعبين آخرين وجدوا أنفسهم أحرار من المراقبة منذ انطلاق اللقاء.
من جهة أخرى، ظهر المنتخب الجزائري بعد طرد حليش مرتبك جدا و أن الطاقم الفني بقيادة سعدان لم يضع في حساباته هذا السيناريو الطارئ رغم انه وارد جدا في كرة القدم خاصة عندما تلعب في إفريقيا وتحت ادارة حكامها الذين يسعون دوما إلى تأكيد إفريقيتهم و تخلفهم من خلال اتخاذ القرارات الخاطئة و بدا و كان الخضر قد فازوا قبل صافرة البداية وأن سعدان أما انه لا يملك خطة بديلة طارئة أو انه لا يمتلك البدلاء المناسبين وان الدكة خذلته هذه المرة بفعل الاعطاب والإرهاق و عدم الجاهزية ويضاف إلى ذلك اعدم انضباط زملاء كريم زياني وسرعة افتقادهم أعصابهم واختفت الصورة الجميلة التي ظهروا عليها في مباراتهم ضد رواندا في التصفيات فحتى و أن جزمنا بان الحكم البنيني كان منحازا للمصريين و لم يكن في المستوى فان اللاعبين الجزائريين سهلوا له مهمة الانحياز لان البطاقة الصفراء الأولى التي نالها حليش كانت مجانية و كان بإمكانه تفاديها بسهولة تامة بالابتعاد عن الحارس المصري عصام الحضري كما أن لجوئه إلى تصحيح الخطأ بالخطأ أمر غير مجدي خاصة انه كان يعلم بان منذر من قبل الحكم و كان عليه أن يترك عماد متعب يسجل أفضل بان يسجل و نلعب منقوصين عدديا ما دام ان المباراة كانت لا تزال طويلة، وشانه شأن البطاقة الحمراء التي نالها بلحاج بسبب تدخل خشن في كرة غير خطرة في وسط الميدان وفي وقت كان زميله زياني وراءه ونفس الأمر ينطبق على الحارس شاوشي فوزي الذي يبدو أن معرفته بلوائح التحكيم لا تختلف كثيرا عن عامة الجمهور فراح يبحث عن الورقة الحمراء الثانية للخضر بعد دقائق من الأولى لحليش في وقت كانوا في أمس الحاجة إلى برودة الأعصاب و التركيز الذهني على المباراة و على المنافس و ليس على الحكم و اكثر من ذلك أصبح لاعبوا المنتخب الجزائري وكأنهم ينتظرون شفقة من كودجا تكفيرا عن ذنبه بطرد حليش و إعلان ركلة جزاء فأصبحوا يلعبون بخشونة اكبر و هو ما استغله البنيني جيدا لزيادة غلة الأوراق الحمراء دون مبالاة بالجمهور العريض في الميدان أو عبر الشاشات الذي حرمه من متعة الكرة و يبدو أن سعدان و جهازه المعاون نسي بأنه في إفريقيا تحت رحمة تهور حكامها من أمثال كودجة ونسي إعداد أشباله لمثل هذه المواقف خاصة أن المباراة كانت خاصة.
على صعيد آخر بدا و أن الانتصار الذي حققه المحاربون على فيلة ساحل العاج في الدور الربع نهائي قد فعل فعلته هو الآخر وبدا أن الغرور قد عرف طريقه إلى نفوسهم و هذه أيضا من تحديات المدرب الذي عليه أن يضع لاعبيه في الحالة النفسية الصحيحة بعيدا عن الغرور أو الإحباط.
http://www.super.ae/superextra/details.php?cid=27&id=6748