يصاب 120 طفلاً دون سن الـ 15 بين كل مليون بالسرطان سنوياً فى في العالم العربي ، ولا تشكل هذه النسبة أكثر من 1 إلى 2 فى المئة من إصابات الكبار . وعلى رغم ذلك لابد أن نولى هذه الحالة أهمية كبرى ونبذل المزيد من التعاطف مع الطفل الذى لا يجيد التعبير عن آلامه وعذاباته بالإضافة إلى وضعه الخاص الذى يشكل محنة بالنسبة إلى أهله الذين لا يملكون أن يفعلوا شيئاً إزاء آلامه .
بدأت أعراض السرطان الأولى تظهر لدى دانيال وهو فى شهره الثامن ، حين لاحظت والدته انتشار بقع زرقاء على ساقيه أثارت قلقها . وبعد استشارة طبيبة أجريت له الفحوص اللازمة التى أظهرت إصابته بسرطان الدم .كان وقع الصدمة شديداً على الوالدين والأقارب ، ولحسن الحظ أظهرت الفحوص أن السرطان الذى يعانيه قابل للشفاء . وبدأت بعد ذلك مرحلة العلاج وأمضت العائلة أشهراً فى المستشفى حيث خضع دانيال لعلاج كيميائى وخلال هذه المرحلة الصعبة ، أحاطه والده برعاية تامة وبكل أنواع العاطفة والحنان ونقلا إلى غرفته فى المستشفى كل الألعاب التى يحب .
ومع مساعدة جدة دانيال لأبيه وعائلة والدته أصبح وضعه أكثر سهولة . " من الطبيعى أن ينزعج من العلاج الكيميائى كونه صعباً جداً ، إلا أنه لم يكن قوياً جداً فى حالة دانيال ".
وتتابع الأم موضحة أن دانيال هو ابنها البكر ، أنجبته بعد مرور سنتين على زواجها ، وكانت صحته جيدة عند الولادة . وزاد الأمر صعوبة لديها أنها لم تكن قد سمعت بوجود هذا المرض عند الأطفال . بالإضافة إلى أن الأهل يزيدون من هول الكارثة عندما يتحدثون عن المرض إلى درجة أنهم يرون الموت أمامهم . لكن الأمور انقضت على خير ، خصوصاً مع تفهم الطبيبة ال
تى كانت تشرح لوالدى دانيال كل التفاصيل المتعلقة بمرضه وعلاجه . واليوم أصبح دانيال فى السنة الثانية من عمره بعدما تغلب على المرض ، ولم يبق أمامه إلا سنة واحدة يتناول فيها دواءه فى المنزل فيشفى نهائياً من هذا المرض ولا يعود إلا ذكرى سيئة فى حياته . مع الطبيب " رغم أن السرطان يتطور بسرعة كبيرة عند الأطفال ، إلا أن نسبة تجاوبهم مع العلاج تفوق نسبتها لدى الشخص الكبير " .
هذا ما يؤكده طبيب الأطفال الأختصاصى فى الأورام الخبيثة بول طربيه ، وأشار إلى أنه فيما تصل نسبة حالات الشفاء عند الأطفال من 65 إلى 70 فى المئة ، لا تتعدى نسبتها 10 فى المئة عند الكبار . إلا أنه لابد من أن يكون العلاج مناسباً وصحيحاً لكى يتجاوب المريض معه بشكل أفضل ، والأهم هو أن يتم التشخيص بأسرع وقت ممكن نظراً إلى سرعة انتشار المرض عند الأطفال حيث تشتد حدة المرض بين أسبوع وآخر فيصبح وضع الطفل أكثر خطورة .
هناك نسبة قليلة من الأطفال الذين يولدون مصابين بالمرض ، وفى هذه الحالة يلاحظ لدى المولود الجديد تورم فى البطن .
أما الأسباب فلا تزال مجهولة حتى اليوم . واعتبر الدكتور بول دور العامل الورائى بسيطاً ، إذ أنه فى حالات قليلة ينتقل المرض بالوراثة ، خصوصاً فى ما يتعلق بسرطان شبكة العين .
لكن السرطان بشكل عام ليس مرضاً وراثياً بل قد يكون لدى بعض العائلات استعداد أكبر للإصابة ، لكنها نادرة إلا فى حالات خاصة بحسب السرطان ، حيث يحل سرطان الدم فى المرتبة الأولى يليه سرطان الدماغ ثم سرطان الغدد اللمفاوية .
أما بالنسبة إلى أعراض السرطان ، فيوضح الدكتور بول أنها تختلف بين نوع وآخر بحسب موقع السرطان . ففى حالة سرطان الدماغ يعانى المريض تقيؤاً وخللاً فى التوازن وآلاماً فى الرأس ونوبات صرع .
وفى حالة سرطان الدم تكون الأعراض فقراً فى الدم ونزفاً وآلاماً فى العظام والتهابات متكررة .
وبالنسبة إلى سرطان الغدد اللمفاوية يلاحظ تورم فى العنق .
ويشير الدكتور بول إلى أن الأهل يلاحظون الأعراض مباشرة عند الطفل ويستشيرون الطبيب فى وقت مبكر .
أما فى حالة سرطان البطن ، فنادراً ما يلاحظ الورم فى بداية المرض . وفى حالات كثيرة يصل الأطفال إلى المستشفى وهم فى مرحلة متأخرة من المرض ، بحيث لا يعود العلاج مفيداً.
ومع أن علاج السرطان عند الأطفال لا يختلف عنه عند الكبار إلا أن طريقة التعاطى مع المريض تختلف إذ أن فريق العمل الذى يتعامل مع الطفل لابد أن يظهر تعاطفه وحنانه كونه أكثر حساسية وتأثراً بالمرض من الأكبر سناً ، " لذلك لا نفكر بمرضه فقط بل بأهله ومدرسته وحالته النفسيه محاولين تخفيف العبء النفسى عليه ، مما يستدعى وجود طبيب وممرضة واختصاصية تغذية لتحسين نظامه الغذائى خلال فترة العلاج ، إضافة إلى معالج نفسى " .
أما لجهة طبيعة العلاج فيقول الدكتور بول إن العلاجات المتبعة مع الأطفال تختلف كما بالنسبة إلى الكبار ، بحسب الحالة وحدة الأعراض . أما أهم العلاجات فهى العلاج الكيميائى والجراحة والعلاج بالأشعة الذى لا يتم اللجوء إليه إلا نادراً لدى الأطفال كونه يؤثر على نمو الأعضاء التى تعالج ، علماً أنه بقدر ما يكون الولد صغيراً تزداد نسبة الأضرار الناتجة عن العلاج ، لذل
ك يستحسن عدم اللجوء إليه .
لكنه لكنه قد يكون ضرورياً فى بعض الحالات كبعض حالات سرطان الدماغ والغدد اللمفاوية والكلى والأطراف ، بحسب نوع المرض ودرجة انتشاره .
أما العلاج الكيميائى فتنتج عنه بعد بضعة أيام من العلاج أعراض كالتقيؤ والهبوط فى تعداد الكريات الدموية والصفائح ما يؤدى إلى ارتفاع الحرارة وتساقط الشعر وتقرحات فى الفم .
إلا أنه يمكن مكافحة بعضها كالتقيؤ بواسطة الأدوية واتخاذ الإجراءات للوقاية من الالتهابات الناتجة عن الهبوط فى الكريات، غير أنه لا يوجد أى علاج يمنع تساقط الشعر .
ويشير بول طربيه إلى أن المرحلة الأولى من العلاج تستدعى بقاء الطفل فى المستشفى لتناول الدواء خصوصاً أنه يكون ضعيفاً بعد تناوله . لذلك قد يصعب عليه خلال هذه الفترة الذهاب إلى المدرسة ومتابعة حياته الطبيعية . إلا أن لا شىء يمنعه إذا كان قادراً على ذلك شرط تجنب الأوبئة التى قد يتعرض لها والتى تشكل خطراً عليه.
ونظراً لدقة حالة الطفل لابد من التعامل معها بكثير من الحذر عند إخبار الأهل . أما الطفل فيتم إعلامه بمرضه إذا كان تجاوز ثلاث سنوات ، وذلك عن طريق قصة مصورة تشرح له حالته بما يتناسب مع عمره ، كأن يسمى السرطان ورماً لكى لا يشعر بالخوف ويقال إنه يؤذى جسمه ولابد من محاربته لقتله . فتكون طريقة الشرح مبسطة وتظهر للطفل وكأنها حرب يشنها ضد المرض للقضاء عليه .