عصام سالم يودع صحيفة الإتحاد .. ويعود إلى مصر

Admin عدد المساهمات : 5215 تاريخ التسجيل : 29/09/2008

عصام سالم يودع صحيفة الإتحاد .. ويعود إلى مصر
أبو أميرة بعض الرحيل.. شيء من حلم

عصام سالم يودع صحيفة الإتحاد .. ويعود إلى مصر 38

بقلم - علي أبو الريش

أخي عصام.. كنورس سهران على قراءة الكف يحط الآن على ظهر موجة عارمة ويهتف للجميع وداعاً أيها الأحبة، لقد كان الفضاء وسيعاً وكان القلب جناحاً وروحي تهجى كثيراً أسئلة الفراق، لكن لا جدوى لأن في مصر العمر كثيراً تهجى حروف اللوعة، وكثيراً ما توقفت وأوقفت عقارب الزمن لعلي أفهم معنى لهذا السفر الطويل، لكن لا جدوى لأن في الإمارات وُلد الفرح كما أنجبت الاتحاد الجريدة زمناً تطاول كل الأزمنة فأيقنت أنني فصل من فصول هذا الزمن الجميل.
أخي عصام.. أنا على يقين أنك لن ترحل ولن تركب الطائرة بمفردك لأن الحقيبة التي خبأتها في معطف القلب لم تزل تسرد التفاصيل ولم تزل أنت في نسيج حرير الذاكرة وتبنط الصفحات لخجل الأحلام الوردية والابتسامة الشفيفة.
أخي عصام، بعض الفراق طوق وعقد حول الأعناق وأشواق لا تغادر الأحداق، هي النمارق التي تضم وتلم وتزم الشفتين على صمت أشبه بالبوح. أخي عصام، أنا على يقين من أن الأصدقاء والأشقاء سوف يحدقون كثيراً في الجهة اليسرى لصالة الاتحاد، سوف يرمقون الجالسين كثيراً وقلوبهم معلقة باتجاه المقعد الذي كان في الزمان ساحة لتقصي خبر شرفة الانتظار هاتف يجلي الهموم والغيوم. أخي عصام لازلت مقتنعاً بأن التاريخ لا يعيد نفسه، بل نحن الذين نستدرج خطواته ونحثه كي يعيد لنا الذي فات، والذي فات هو الأثر والخبر والسطر الذي كتبنا على فصله ما أردنا أن نبوح به وما خفي كان أكثر.
وماذا بعد، ها نحن الآن نكتب للوداع ونستدعي الذاكرة كي تعيننا على تلوين الكلمات ونحتنا على الزخرفة لأن ما يقع أمام العين شيء من الدهشة التي تغمر الأشياء وتحيط بالفكرة كأنها الغشاء الرمادي عند حافة اللحظات المزدهرة بالصمت، كنت يوم تقبل العزاء جميلاً نستلهم نبل الصابرين، المؤزرين بالمعنى الأصيل لقلب أب تفطر، لكنه كبر بالحزن ليصبح أمام الجميع حالة من حالات النقاء والصفاء والبهاء والجمال الروحي الذي لا يتصف به إلا ندرة من البشر.
أخي عصام.. كطائر أنت الآن تحزم حقائب الأمل بألم ومن خلال شرفة الشقة التي استوطنت بين جدرانها أحلام وأوهام تنظر إلى الشارع، إلى الناس، النجوم والغيوم، والعصافير التي تزقزق عند خيوط الفجر ونداء داخلي يهتف متسائلاً.. أين الرحيل، لكنك بطبيعة الحال لا تجيب لأن السؤال الذي يبقى مبهماً يكون أكثر نصوعاً وأهمية، يكون أكثر احتمالاً للهدهدة على قماط الفكرة. أخي عصام، بعض الرحيل مدوٍ كصخرة تهوي من علٍ، بعض الرحيل تنكسر له زجاجات السماء وتتناثر شظايا النجوم متبعثرة في زوايا القلب، بعض الرحيل كقلب بلا ضمير يترصدنا بالألم وتصير الدموع أحجاراً تتقلب ساخنة الوجنتين.

بعض الرحيل لغة مبهمة يضيع المعنى في حروفها وتضيع العبارة، بعض الرحيل يا عصام دحرجة على شوك في يوم قائظ، بعض الرحيل هو المساحة التائهة ما بين الحياة والموت.. بعض الرحيل شيء من حلم وشيء من يقين وما بينهما الفكرة التائهة.

* نقلاً عن صحيفة الإتحاد .