وفقاً لآراء مراقبين وخبراء سياسيينفرض العقوبات على المعلم وشعبان يهدف لمزيد من الحصار الدبلوماسي على نظام الأسد تبدو العقوبات الاقتصادية الوسيلة الوحيدة وربما الأنجع بيد الإدارة الأمريكية للتعبير عن موقفها الغاضب من النظام السوري واعتراضها على أسلوب القمع الذي يمارسه الرئيس السوري وآلته الأمنية والسياسية.
وفي هذا الصدد، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية إدراج وزير الخارجية السوري وليد المعلّم ومستشارة الرئيس بثينة شعبان وسفير سوريا في لبنان علي عبدالكريم على لائحة "أوفاك" ويعني ذلك منع التعامل المالي معهم وإلقاء الحجز على أموالهم الموجودة في المصارف الأمريكية أو على الأراضي الأمريكية.
ويرى مراقبون أن فرض تلك العقوبات على وليد المعلم وشعبان له مدلول خاص، فهم لا يملكان آلة أمنية ولا يأمران عناصر عسكرية للقيام بأي عمل حربي أو استخباري.
ويقول دايفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة الأمريكية أن العقوبات هدفها "ممارسة ضغوط اضافية مباشرة على ثلاثة من الرسميين في نظام الاسد وهم مدافعون رئيسيون عن نشاطات النظام" ، لكنه يعطي أي مسؤول في الوزارة المزيد حول ضرورة فرض هذ العقوبات.
لكنه من الواضح، بحسب محللين، أن الأمريكيين يبغون محاصرة النظام السوري في الخارج، ويسعون في الوقت نفسه إلى دفع بعض الرموز المدنية للنظام السوري الى اعادة حساباتهم عندما يتحدثون عن "الاصلاح في سوريا" او عندما يدافعون عن النظام فالاميركيون تعلّموا من دروس العراق ايام صدام حسين عندما كان يكلّف وزير الخارجية حينذاك طارق عزيز للتحدث ويدافع عن النظام، خصوصاً ان طارق عزيز كان يتمتع بلغة انكليزية بليغة وكان يستسهل التحدث الى الاعلام الغربي الناطق باللغة الانكليزية.
والسبب الثاني الذي حدا بالإدارة الأمريكية إلى فرض عقوبات على المعلّم وشعبان يعود إلى رغبة واشنطن في عدم الفصل بين الوجه المدني والوجه العسكري للسلطات السورية بل تريد ان تعتبر ان كل العاملين مع نظام الأسد انما يساعدونه على قمع المتظاهرين المسالمين.
حصار لحركة المعلم وشعبان اضافة الى ذلك، يأمل الأمريكيون في محاصرة تحركات المعلّم وشعبان لدى خروجهما من سوريا في مهمات رسمية، فسيكون من الصعب على المسؤولين االسوريين بعد فرض هذه العقوبات استعمال بطاقات ائتمان مثل "فيزا" و "ماستركارد" بل سيضطران للعودة الى استعمال النقد وتحاشي الانظمة المصرفية، فكل الانظمة المصرفية الدولية متصلة بشكل او بآخر بنيويورك.
ربما تكون للعقوبات على وليد المعلم مغزى عاطفي اضافي، فوليد المعلّم كان سفيراً لبلاده في واشنطن لسنوات طويلة، وهو معروف عن قرب من قبل شريحة من السياسيين والموظفين الرسميين منذ تسنمه منصبه عام 1990 وعمل عن قرب مع كبار المسؤولين في الخارجية الأمريكية خلال إدارة بيل كلنتون، وشهدت تلك الفترة الغزو الصدامي للكويت ومشاركة سوريا في تحريرها، وعقب ذلك قام المعلّم بدور اساسي خلال مرحلة ما بعد مؤتمر السلام في مدريد وصولاً الى اجتماعات وزير الخارجية السوري آنذالك فاروق الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي في وقتها ايهود باراك في عام 1999
أما المثير في فرض عقوبات على السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم، فما ذكره بيان الخزانة الاميركية من اتهامات له بعلاقات قريبة من جهاز الاستخبارات السوري خلال مسيرته كسفير، فليس من العادي ان تتهم حكومة أجنبية سفير دولة اخرى بعلاقات مع اجهزة الاستخبارات لكن الاميركيين ما عادوا يقيمون حساباً مماثلاً بعدما اعلنوا صراحة ان على الرئيس السوري بشار الاسد ان يتنحّى.
وحاولت "العربية.نت" الحصول على المزيد من التفاصيل من مسؤولين في وزارة الخزانة الامريكية عن تفاصيل حول فرض عقوبات على علي عبدالكريم لكنهم امتنعوا عن الادلاء بأي معلومات أخرى، لكن بحسب خبراء فإن البيت الابيض يريد قطع الطريق على السفير السوري في استعمال المصارف اللبنانية، لأن الأخيرة ستجد نفسها في موقع صعب لو تعاملت مع السفير السوري في بيروت، فموجودات المصارف اللبنانية بالدولار الاميركي تصل الى أكثر من 50 مليار دولار ولا يريد اي مصرف لبناني ان يعرّض عملياته الخارجية واستثماراته لخطر عقوبات كالتي لحقت بـ "المصرف اللبناني الكندي" الذي اتهمته الخزانة الاميركية بتسهيل غسل اموال وتمويل حزب الله.